عز الدين ميهوبي يكتب لـ( أوكسي نيوز) عن النووي في جيب الشيطان!


ميهوبي,النووي ,الشيكان,الإنسان,الجزائؤ

‏بقلم عزالدين ميهوبي

أديب و سياسي ووزير ساق




‏"الشيطان يحكم" هكذا كتب المفكّر الراحل مصطفى محمود قبل أكثر من أربعين عاما.. فظهرت في مصر وبعض بلدان المشرق طائفة من البشر أطلق عليها اسم "عبدة الشيطان" وهي الطائفة التي أسالت حبرا كثيرا وهيّجت الشارع لسنوات طويلة وأصبح الآباء في حيرة من أمر أبنائهم الذين أصابهم "مس" من الشيطان.. فأقلعوا عن معتقدات الأمة وشعائرها وخاضوا في طقوس جنونية لا قبل لهم بها.. إذ تقول الكتابات الصحفية التي استعرضت نشوء وانتشار هذه الطائفة ومن ثم محاكمة أفرادها في مصر إن أغلبهم من أبناء الأثرياء، ابتدعوا "ديانة جديدة" تجمع بين تقديس اللذة في أقصى تجلياتها والخروج عن عرف المجتمع ومعتقداته.. 

‏وفي محاكمة بعضهم يقول إن الشيطان هو الذي يزيّن لهم الشهوات ويدفعهم إلى فعل أشياء يراها الناس منكرا ويرونها شيئا مستحبّا يقربهم إلى الحياة الأبدية.. 

 

66 و ليس 65طعنة لقتل صديقها!!

‏وأذكر أن إحدى الفضائيات العربية بثت قبل سنوات خبرًا له علاقة بالشيطان، مفاده أن رجلا ألمانيا وزوجته قاما بطعن صديق لهما 66 طعنة بسكين حتى الموت. والطريف أنّ القاتلين لم ينكرا الفعلة الشنيعة التي ارتكباها وقالا بدم بارد إنهما فعلا ذلك بإيعاز من الشيطان الذي طلب منهما طعن الرجل 66 طعنة وليس 65 أو 67 إلى أن يموت.. 

قطعوا إصبع الشهادة غضبا

‏وبلا شك فإنّ كثيرا من الناس بلغتهُ أخبار تلك الطائفة التي ظهرت في سنوات الإرهاب في بعض المناطق الجبلية بالجزائر وتطلق على نفسها "الغاضبون على الله" وهي جماعة يقول المتابعون لأسرارها أنّ أتباعها يرون أن الله سبحانه وتعالى لم يؤيدهم بملائكته للقضاء على الكفرة والفجرة، فما كان منهم إلا أن أعلنوا تمردهم على الذات العليّة واتجهوا إلى فعل كلّ ما يغضب الله جل وعلا.. فيقومون بأشياء لا يمكن وصفها، تنبئ عن اختلال في العقل وانقباض في القلب.. 

‏والسؤال الذي يطلع من رحم حالات اليأس هذه هو هل ستكون ألفية العالم الثالثة ألفية التوازن النفسي لبني البشر أم أنها ستكون ألفية "عولمة الشيطان".. 

‏المؤكد أن الشعوب في أصقاع العالم ستكون أكثر تشبثا بمعتقداتها وهوياتها القومية والدينية لأنها تخشى الذوبان والتلاشي بفعل انكسار الحواجز وسقوط الجدران الواقية التي تقيمها البلدان.. 

أربع لغات للعالم فقط!

‏ورغم أن هناك من يقول إن العالم في العشرين سنة القادمة لن تسود فيه سوى أربع لغات فقط هي الأنكليزية بفعل انتشارها التكنولوجي والعلمي والتجاري وإقبال الناس عليها، والاسبانية بحكم وجودها في أربع قارات، والصينية بفعل معرفة سُدس سكان العالم لها، والعربية لأنها لغة القرآن.. فهل سيعرف العالم أيضا تقلصا في المعتقدات الروحية، وانكماش الديانات المبتدعة من اليابان حتى الهنود الحمر (..) ربما.. ولكن المؤكد أنّ كل الناس سيستعيدون حكمة الأجداد التي تقول "إذا اختلطت الأديان حافظ على دينك".. 

"آلة حرب" أكثر فتكا بالإنسانية

‏المسألة تصير أخطر عندما تتجاوز منطق تزيين الشيطان للإنسان فعل أشياء ينبذها العقل ويرفضها القلب عندما يُصبح همّ الانسان إنتاج ثقافة الموت والتفنن في إنتاج مواد وابتداع "آلة حرب" أكثر فتكا بالإنسانية.. ففي الكتاب الهام الذي ألفه الدكتور "خالص جلبي" بعنوان "جدليّة القوة والفكر والتاريخ" يتحدث بإسهاب عن المشاريع الكبرى لثقافة الدمار الشامل بدءًا من قصة السلاح النووي وتدمير هيروشيما إلى مختلف التجارب النووية التي تستخدم فيها أرقى الوسائل التكنولوجية.. والوصول إلى طرح سؤال محيّر هو ما مصير الانسان إزاء هذا التهافت على السلاح النووي الذي سيعرف طريقه إلى الاستخدام في لحظة ما.. عندما يزيّن الشيطان لفرد ما من هذا العالم المهووس بالقوة فضائل استخدامه وتدمير الآخر؟.. وإذا أضفنا إلى ذلك اللجوء إلى مختبرات إنتاج الأسلحة البيولوجيّة الأكثر فتكًا، كما هو الشأن بالنسبة لكورونا التي تذهبُ بعض الآراء إلى أنّها من فعل البشر الذين إذا حذفنا الباء.. يبقى الشّر والعياذ بالله. 

‏لقد أبدعت الكاتبة الهندية أروندهاتي رُويْ عندما قالت "تذكّروا أيها المتديّنون أنّ هذه القنبلة الذريّة هي تحدّي الإنسان لله. لقد عبّر عن ذلك ببساطة تامّة: نمتلك المقدرة لتدمير كل ما خلقته. وإذا لم تكونوا متدينين أنظروا إلى الأمر من هذه الناحية. يبلغ عمرُ عالمنا أربعة آلاف وستمائة عام لكنه يمكن أن ينتهي في فترة بعد الظهر". 

قنابل نووية بديانات متناطحة

‏ولهذا فإن الحديث عن قنبلة "سنيّة" في باكستان جاهزة في أي لحظة، وعن قنبلة "هندوسية" في الهند جاهزة أيضا في أي لحظة، وعن مشروع يكاد يكون جاهزا لقنبلة "شيعية" في إيران يمكن أن ترسل في أي اتجاه، وعن قنابل "يهودية" تنام في مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي يمكنها أن ترسل شرقا وغربا، وعن قنابل "شيوعية" جاهزة منذ أكثر من سبعين عاما في روسيا، وفي أقصى الشرق تخزّن قنابل "كونفوشيوسيّة" في الصّين يمكن أن تتحرك مع أي حركة غير مستوية للتنين الأصفر، وللجارة كوريا الشماليّة التي لم تعد منزعجة من قول أعدائها إنها تسعى لامتلاك القنبلة.. 

‏وبين هذه القنابل توجد عشرات الجماعات والطوائف النووية التي لا تعرف غير.. الموت والتفجير معتقدين أنهم سينعمون في الفردوس بحول العين . وهذا يعني أن فعلَ القوّة بدأ يأخذ منحنى البحث عن سيطرة عقل القوّة.. وبين هذا وذاك يعاود الشيطان الحكم  باسم السياسة أو الدّين فبينهما تنام الشياطين.. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.